مهرجان التراث 2014

المقدمة


عن أسطورة ما، عن دلمون التي لا يعرف الحزن اسمها. عن أبوابها يطرقها

الرّبيع خارج مواسمه، عن شوارعها، عن (فرجانها) ببيوتٍ على الجهات يمنةً

ويسرةً، بينهم خيوطٌ ملوّنة، أقمشة على هيئة شرائط، يحرّكها الرّيح،

فترصفُ السّماء ملوّنةً وبديعة.

عن المشهد ذاته، تقول الأسطورة:

في دلمون، تدعكُ الأمّهات أثواب عيالهنّ في مائها العذب/ الحلو، وعلى حبل الغسيل: تزهر تلكَ الأثواب! كلّما مررتَ بها، تحسّسها بيدكَ، الشّمسُ تنجب من ماء دلمون العذب قوس قزح!

تقول أيضًا:

الأثواب على أجساد ناسها: ملوّنةٌ، محبوكةٌ، بنقوشٍ ذهبيّة، برسوماتٍ تفكّ منها حكايات وقصص. كلّ ثوبٍ منها منذورٌ للحنين. شمّه جيّدًا، رئتاكَ الآن ستزهران أثواب أهلها.

عن دلمون، عن يدٍ كانت تغرزُ في ظهرِ النّسيج إبرةً، تخرج من كومة أثوابها: عروسٌ، أمٌّ، طفلٌ وأكمام ثوبٍ لرجلٍ يعرفه أهل الحارة، تشير: انسج لقلبكَ مدينةً. المدينة التي لا أثواب لها، لا تعرفُ الأعراس والأغنيات.

وتومئ: لم يَنَم النّسّاج البارحة. لم تَنم امرأة تخيط للحلمِ الصّباح. الوقت الذي عابرًا حزمَ في حقيبة جسده كلّ الذين مضوا، ترك لوح النّسيجِ مكانه، ترك الإبرة ويدٌ تخيط.

لا يأكلُ الوقتَ الأثواب، لا تُبهِت الشّمس في طلوعها الألوان.

اللّون هويّة الرّبيع.

مهرجان التّراث السّنويّ الثّاني والعشرون (حياكة وألوان)، يقول عن الأسطورة، عن المشاهد والحياةِ، عن إرث أولئك الذين أغلقوا على صناديقهم أثوابِ النّاس وألوانهم.

ف قُل للأشياء: كلّ نسجٍ ينتمي إلى المكان ليس قليلاً. إنّه ملمس القلب!