كنوز تاريخية


منذ الحِقَب الأولى لحضارة دلمون، وطيلة العصور التي تلتها وإلى اليوم، ظلّت البحرين دومًا مركزًا مميّزًا نشيطًا لصناعة المجوهرات ومشغولات اللؤلؤ الرفيعة وصياغة الحُليّ الذهبيّة.

حظِيَت البحرين بموقعها الاستراتيجيّ في قلب حضارات العالم القديم وتقاطُعِ طُرقه التجاريّة في البرّ والبحر، ما جعلها تُطوِّر على مرّ التاريخ مقوّماتٍ متينةً لازدهار هذا الصنف من الأنشطة والصناعات، وتُراكِمُ تقاليدَ ثريّة ومهارات وخبرات عالية في تطوير التصاميم وتنويعها، وابتكار شتّى ألوان الزُخرف؛ بالصقل والتشكيل والنقش والترصيع، في ما يتعلّق بالذهب والأحجار الكريمة.

لقد بَرهن أبناءُ هذه الرقعة الجغرافيّة الدافئة، الحاضنة لموجاتٍ متعاقِبة من أقوامِ الوافدين والعابرين، على قُدراتٍ خلّاقة في تثمين التعامُل مع الشعوب والحضارات المجاورة، من سواحل الهند إلى ضفاف المتوسط، مرورًا ببلاد الرافدين واليمن ووادي النيل. وفي كلّ الأزمان، استطاع الإنسانُ البحرينيّ بما انطوى عليه من حسٍّ فنّي ورهافة ذوق، أن يُدبِّر كيمياء عجيبةً لافتةَ الحُسن وعالية الجودة، إذ نجح في حفظ عناصر من الموروث والوافد، أصيلًا ودخيلًا معًا، وأتقنَ دمْجَها بِروح التطوير والابتكار وِفق جماليّاتٍ أخّاذة، فارتقى بهذه الصنعة ومنتَجاتها إلى مرتبة النماذج الفنّية الراقية، والكنوز التراثيّة النفيسة.

"كنوز تاريخية".. محاولة لإلقاء الضوء على تاريخ صناعة الذهب في البحرين من البداية وإلى اليوم. ومن خلال صور القِطع الأثرية لمشغولات الذهب البحرينيّ، ووثائق متعلّقة بتجارته، والمقتنيات المستخدَمة في صياغته، فضلًا عن المجوهرات التراثيّة من مقتنيات متحف البحرين الوطني، وإضافةً إلى العرض الفيلميّ التوثيقيّ، يأخذ هذا المعرضُ زوّارَه الكرام في رحلة اكتشاف وتأمُّل شيِّقة، مُفيدة ومُمتعة، للوقوف على جانب وضِيء من ميراث البحرين الحضاريّ، العريق والمتجدّد في آنٍ.