مهرجان التراث 2017
عيونٌ إن رَوَت

مهرجان التراث 2017


منذ العصور القديمة، جذبت وفرة المياه الشّعوب والنّاس إلى مملكة البحرين، التي تحمل اليوم اسمها دلالةً على ذلك (بحرين: مثنّى بحر). وكما تنقل الأسطورة في بلاد ما بين النّهرين عن هذه البلاد، فإنّ دلمون (البحرين قديمًا) كانت تمتاز بوفرة العيون الطّبيعيّة، وكانت قنوات المياه العذبة جزءًا أساسيًّا في ازدهار صناعة اللّؤلؤ، وفي تحديد مواقع النّموّ الحضريّ وتشكيل المجتمعات. وكما كانت العيون الطّبيعيّة هامّة لتزويد الصّيادين، فإنّها لا تقلّ بذلك أهميّة بالنّسبة للقرى والمدن باعتبارها مصدر المياه لتغذيتها من خ ال قنوات الرّيّ. من المؤسف الآن، أنّ التّطوّر المدنيّ السّريع والازدهار العمرانيّ والمعيشيّ قد أثّرا عميقًا في احتياطيّ المياه الجوفيّة والعيون الطّبيعيّة.

 

ما يفعلُ مهرجان البحرين للتّراث في سنويّته الخامسةِ والعشرين؟
يروي، عن:
البلاد التي تحبلُ ذاكرتها بعيونٍ كثيرة... البلاد التي نامت أعوامًا وبقلبِها عينُ ماءٍ، وعلى رأسها تتسلّقُ أشجارُ النخيل. البلاد التي لمّا جفّت عينُ مائها، استيقظَت تفتّشُ عن عمرها وتراثها، فصارَ فيها فلّاحون يعلّمون المزارعَ كيف كان يبدو شكلُ الأرضِ، وفيها لحظاتُ عرسٍ لم يجفّ عن أطرافِها الفرح، وفيها بيوتٌ كثيرة، كانت قد حدثت لأجلِ عين الماءِ القريبةِ منها، وفيها خيولٌ تسيرُ إلى وقعِها القديم، كي تتعرّف إلى أمكنةٍ كانت هنا، ولكن بتوقيتٍ يقعُ في الوراء.
 
يروي، عن:
عيون قيل أنّها بنتُ الطّبيعة، يضعُ اللهُ فيها الخير، قبل أن يمشي الماء في طرقٍ وقنواتٍ يعرفها جيّدًا، فلا يُضيّع المكان الذي إليه يذهب. عن ماءٍ كان يطوف القرى والمدن، ولا يعود، لأنّ ماءً آخر يلحقه، مثلَ نهرٍ ولكن ليس نهرًا، لا يعودُ في مساره مرّتين، ولم يكن لينتهي، لو أنّ أحدًا قال هذه الحقيقة ليست أسطورة!
 
يروي، عن:
عين ماءٍ قالت لأختها العين الأخرى يومًا، لمّا يجفّ الماءُ فلن نذهب؟ هل تذهبُ الذّاكرة؟ هل يذهبُ الوطنُ؟ هل تذهب نخلةٌ لا يُطاردُها أحد؟ العيون التي جفّ ماؤها لا تذهب. ها هي حكاياتُها تأتي. ها هي شواهدُ نخلاتِها تتجذّرُ. ها هي بلادٌ تحمل اسمها. وهنا مهرجان البحرين السّنويّ للتّراث 25 ، ينبشُ من ذاكرةِ البلادِ مكانًا، حتّى يصغي ل (عيون إن روَت).