معرض البحرين السنوي
للفنون التشكيلية 40

الحركة التشكيليّة في البحرين
منجز أهل البحرين الحضاريّ


يتواصل تطوّر حركة الفنّ التشكيلي في البحرين ، وتحتلّ التجارب الفنيّة مواقع متقدّمة في مسيرة الثقافة البحرينيّة الحديثة . والمنجز الذي تعطيه هذه الحركة هو خلاصة خبرة مضطردة النمو لإبداع أهل البحرين. ولكون الفنون في هذه البلاد تتناسل إبداعاً، وتستمرّ نمواً، يقود إلى معطيات جديدة متميّزة في كل عقد جديد من السنوات فالازدهار الذي يتحقّق لحركة الفنّ التشكيلي هو امتداد ومواكبة لبقية المنجز الثقافي في شتّى مجالات الفنون. وحين تزدهر حركة الفن التشكيليّ  في البحرين، ويتعاظم دورها على الساحة الثقافيّة، فانّ ذلك حصيلة طبيعية لجهود الفنّانين المبدعين رواداً ومحدثين، وهو جزء من العطاء الثري الذي تزخر به إنسانيّة المواطن البحريني في علاقته مع محيطه، وفي أسلوب تعبيره عن مشاعره حيال كل شيء من حوله. وبمجرّد نظرة عابرة إلى مجمل نتاج الفن التشكيليّ سيتّضح أنّ الفنان في البحرين تفاعل مع مختلف المدارس، وتعامل مع العديد من التيّارات والتوجّهات الفنيّة المعاصرة، وخبر مختلف الخامات، وأنتج ما لا يحصى من الأشكال والمساحات اللونيّة التي خدمت موضوعه ويسّرت له طرائق التعبير التي من خلالها حقّق منجزه الحضاري في مواكبة حركة التطوّر الشاملة التي تشهدها الفنون في العالم .

إنّ رعاية الدولة للثقافة بصفة عامة، والفن التشكيلي بصفة خاصة، على مدى أربعة عقود، هي عمر المعرض السنوي، الذي تحرص وزارة الثقافة على إقامته بانتظام، قد أثمر اضطراداً في نموّ هاجس التشكيل لدى الفنّان البحريني، ومن معرض إلى آخر برزت مواهب ومدارس واتجاهات وأنجزت أعمال ذات قيمة فنية عالية. وبجانب رعاية الدولة برزت جمعيات الفن التشكيلي لتنظم الجانب الأهلي في الرعاية، الذي كان ولاشك رافداً قوياً لتوجّهات الدولة، وتأكيداً على ما يمكن أن تحقّقه التجمعات الفنيّة على مستوى الفكر، وعلى مستوى التجسيد.

وما حرص حضرة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه على رعاية هذا المعرض، والاهتمام بمنجزاته، ومناقشة المبدعين البحرينيين فيه، والوقوف شخصياً أمام كل عمل ومحاورة مبدعه، إلا تجسيداً عالياً لما توليه الدولة للثقافة ولتطور هذا التوجّه الذي أعطى للثقافة مكاناً ضمن أولويّات التنمية البشريّة المستدامة في البحرين.

لاشك ان الاستمرارية في منجز ثقافي، كمعرض البحرين السنوي للفنون التشكيليّة، يولّد ويرسي تقاليد فنية في التعامل مع الأعمال التشكيلية إن كان في طريقة فرزها للقبول بالجيد منها، أو في أسلوب تحكيم هذا الجيد لاختيار المميز منه. هذه التقاليد، كلما ترسّخت وأثبتت فاعليتها لفترة، كلما كانت بحاجة إلى مراجعة وإعادة نظر ، لأنّ ما يصلح لهذا العام أو لهذا العقد من السنين قد يختلف تماماً عمّا سيناسب ما يليه.